اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 351
فاستحقوا العذاب والنكال الأخروي وَالحال انه هُمْ بِالْآخِرَةِ المعدة للجزاء والانتقام هُمْ كافِرُونَ منكرون لخبث طينتهم وردائه فطنتهم وفطرتهم
أُولئِكَ البعداء المسرفون المفترون على الله المفرطون في تحريف كتابه لَمْ يَكُونُوا من اهل الغلبة والاعجاز حتى صاروا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ كل من يتحدى معهم ويعارضهم وَما كانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِياءَ حتى ينصروهم ويحفظوهم من عذاب الله إياهم ان تعلق ارادته بتعذيبهم في الدنيا وانما امهلهم وأخر عذابهم الى يوم الجزاء ليقترفوا من موجباته وأسبابه اكثر مما كانوا عليه حتى يدوم وبالهم ونكالهم لأجلها بل يُضاعَفُ لَهُمُ الْعَذابُ أضعافا وآلافا لأنهم بسبب اعراضهم عن الحق ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ إذ في آذانهم واسماعهم وقر وصمم وَما كانُوا يُبْصِرُونَ لتعاميهم عن ابصار آثاره ودلائله
وبالجملة أُولئِكَ
المعزولون عن استماع كلمة الحق وابصار علاماته هم الَّذِينَ
قد خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ
بالافتراء على الله بما لا يليق بجنابه باشراك مصنوعاته معه في استحقاق العبادة
وَمع ذلك قد ضَلَ
وغاب عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ
من الآلهة الباطلة ولم يبق لهم سوى الندامة والخسران
لذلك لا جَرَمَ وحق عليهم أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ المقصورون على الخسران والحرمان الأبدي الا ذلك هو الخسران المبين أعاذنا الله منه
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا بالله وفوضوا أمورهم كلها اليه سبحانه وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ المقربة لهم الى جنابه وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ وتضرعوا له مطمئنين خاشعين أُولئِكَ السعداء المقبولون الصالحون المصلحون الخاشعون المخبتون أَصْحابُ الْجَنَّةِ التي هي دار السعداء هُمْ فِيها خالِدُونَ دائمون مطمئنون متمكنون لا خوف عليهم ولا هم يحزنون
وبالجملة مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ اى المؤمن والكافر في السعادة والشقاوة والهداية والضلال كَالْأَعْمى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ كل واحدة مع نقيضها هَلْ يَسْتَوِيانِ كل من النقيضين مَثَلًا ايها العقلاء أَفَلا تَذَكَّرُونَ التفاوت والتفاضل وهل تتنبهون وتتفطنون
وَمن عدم تذكر الإنسان ووفور توغله في الغفلة والنسيان لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً الناجي عما سوى الحق المنجى للهالكين في تيه الضلال إِلى قَوْمِهِ حين ظهر عليهم امارات الكفر والعصيان ولاح منهم علامات الظلم والطغيان قائلا لهم على وجه العظة والنصيحة إِنِّي من غاية اشفاقى وعطفي لَكُمْ نَذِيرٌ من قبل الحق أنذركم من حلول عذابه ونزول غضبه وسخطه بسبب ظلمكم وكفركم مُبِينٌ مظهر مبين لكم ما يوجب تعذيبكم من أفعالكم وأعمالكم الدالة على كفركم وشرككم فعليكم ايها المسرفون المفرطون
أَنْ لا تَعْبُدُوا ولا تتوجهوا إِلَّا اللَّهَ الواحد الأحد الصمد الذي لا شريك له ولا شيء سواه ولا تشركوا به غيره إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ لو أشركتم بالله وكفرتم به عَذابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ مؤلم مفزع كأن الم العذاب يسرى في زمانه ايضا لفظاعة شأنه وشدة أهواله واحزانه
ثم لما سمعوا قوله وفهموا مراده استكبروا عليه واستبعدوا امره فَقالَ الْمَلَأُ اى الأشراف الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مستكبرين عليه مستهزأين له ما نَراكَ يا نوح إِلَّا بَشَراً مِثْلَنا كيف تدعى الرسالة والنيابة عن الله والوحى من جانبه وَمع ذلك لا شوكة لك ولا استيلاء ولا حول ولا قوة بسبب المال والأعوان والأنصار حتى تدّعى الرسالة علينا بل ما نَراكَ اتَّبَعَكَ منا إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا اى اسافلنا وادانينا عقلا وجاها سعة ومالا بادِيَ الرَّأْيِ اى يلوح رذالتهم للناظرين في بادى النظر بلا احتياج الى تأمل وتعمق
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 351